السبت، 14 يناير 2017

ولماذا تسألوننى ؟

شاهد على العصر

سألنى أحدهم إن كنت أسجل تعليقاً على حدث هو حديث مصر اليوم ودماء قبطى مذبوح بشوارع الإسكندرية  ، قلت : لم أعلق لأننى لا أجد كلمات للتعليق ، ( خلص الكلام ) .. !!

ولماذا تسألوننى ؟ :


إسألوا عموداً يقف شامخاً بجروحه وسط الكنيسة ، هو شاهد على العصر بل هو شاهد على كل العصور ..

إسألوه يحكى لكم يوم ذبح أحمد بن طولون الشهيد المهندس سعيد بن كاتب الفرغانى القبطى الذى حاول إنقاذ أعمدة الكنائس وبنى جامع بن طولون إعجازاً هندسياً بلا أعمدة ، فواجه الغدر صنيع إخلاصه ومحبته لأعمدة كنيسته ..


إسألوه فى كنيسة أبى سرجة وكيف فدى الوزير القبطى إبن الأبح الكنيسة بموته  حزناً وكمداً حينما أمره الخليفة المستنصر بالله أن يختار بين هدمها أو هدم كنيسة القديسة بربارة المجاورة حسداً -  وبوشاية الأشرار - لجمال معمار أعمدتها ..

إسألوه فى كنيسة القيامة يحكى عن الأمير إبراهيم باشا بن محمد على ، وشكه فى حادث إبلاج نور سبت الفرح وما قد يترتب عليه هذا الشك من إفتراء وإضطهاد للأقباط ، إسألوه عن حكمة وصلوات البابا بطرس السابع مع بطريرك الروم وإنفجار النور وصرخات الأمير إبراهيم بلسان تركى :  ( أمان بابا ، أمان بابا .. )  ، إسألوه لا يزال قائماً مشقوقاً - من إنفجار نور القيامة - إلى اليوم يشهد ويحكى ..

إسألوه فى الكنيسة المعلقة - إن كنتم لا تريدون أن تذهبوا بعيداً إلى القدس - فالقدس عندكم فى مصر -  هو مشقوق أيضاً وقد إنبلج منه نور أم النور والدة الإله تعطى الجل وتستجيب لدموع البابا إبرآم بن زرعة سكبها خلف هذا العامود  ، ومن ينقذ أقباط مصر من مؤامرة خبيثة ضدهم ومن لهم  ينقل جبل المقطم ؟ .. إسألوا العامود ..

فى ليلة مقمرة عام ١٩٧٧ مررت من سكن الأطباء  بحفر لبناء ملحق بمستشفى ( كرموز العمالى ) إستجابة  لنداء إسعاف مصاب بالإستقبال ، دفعنى فضولى أن أنظر داخل حفرة عميقة فهالنى أن أنظر تاج عمود لكنيسة قبطية بعناقيد العنب والصلبان تزينه ، عامود دفنوه فى اليوم التالى بخرسانة إسمنتية بعد أن ضاعت صرخاتى عند المسؤولين ، قالوا : ( وكأنك لم تر شيئاً .. هذا قليل من كثير  ، الإسكندرية كلها ترقد فوق كنائس كثيرة .. !! ) .. الإسكندرية محمولة على أعمدة الكنائس ، إسألوها وإن دفنوها تبقى شاهدة لا تموت ..

إسألوا أعمدة الكنائس تحكى كيف صمدت فى وجه هيرودس ونيرون ودقلديانوس والأشرار الجدد والقدامى ، عرفت الكنيسة قيمة أعمدتها وبنت إيمانها على صخر حجر الزاوية ، ورفعت أساسها على إيمان إثنتى عشر تلميذاً وصار تقليد عمار الكنائس يقام بها ، ستة على كل جانب من جانبيها ، وجميل أن يستشهد الإحدى عشر ويبقى يوحنا بجروحه وسجنه ومنفاه عاموداً يقف شاهداً فى البطرسية وفى كنيسة القديسين وفى أبى سرجة والقدس وكنيسة القديسين ،  وتحت الإسكندرية يحملها ويثبت إيمانها ..

وكم هو رائع أن أبقوا على عامود البطرسية قائم بجروحه ودمائه ، هو شاهد على العصر ..

وإن سكت هؤلاء ، فالحجارة تصرخ .. ( لو ١٩ : ٤٠ ) .
لا