السبت، 11 فبراير 2017

الدوافـــع والأعمــــال

الدوافـــع والأعمــــال


كل عمل يعمله الإنسان‏,‏ وراءه دافع يدفعه اليه‏..‏ وتوجد دوافع ثانية سامية‏,‏ وأخري رديئة او منحرفة‏.‏
  فمن الدوافع السامية محبة الإنسان لوطنه التي تدفعه الي عمل كل شيء من اجله‏.‏ ولعلنا نذكر كمثال في هذا المجال الزعيم الراحل سعد زغلول‏,‏ الذي دفعته محبته لمصر ان يعمل علي تحريرها من التدخل الاجنبي فيها‏.‏ ومن اجل ذلك قام بثورة‏1919.‏ وحدث انه نفي الي جزيرة سيشيل هو وأصحابه‏,‏ ولما رجع من نفيه عمل علي إصدار دستور‏1923.‏ وأكمل بهذا الدفاع النبيل بقية حياته كوزير او رئيس للحزب‏.‏
  نذكر كذلك قاسم أمين الذي كان هناك دافع يحركه وهو الرغبة في تحرير المرأة‏.‏ ولقد كرس حياته لهذا الغرض‏,‏ وأيضا فكره وقلمه وإقناعه للآخرين‏.‏ واشتركت معه في هذا الغرض هدي شعراوي‏.‏ واستطاعا ان يغيرا صورة المجتمع في أيامهما‏.‏
  نذكر ايضا بهذا المجال المهاتما غاندي الزعيم الروحي للهند‏,‏ الذي كانت تدفعه طوال جهاده رغبته في استقلال الهند وتخليصها من حكم الإنجليز‏.‏ ومن أجل ذلك احتمل السجن وسار علي مبدأ المقاومة السلمية مكافحا حتي نالت الهند استقلالها‏.‏ وكان يقوده في هذا الجهاز دافع آخر هو إيمانه بعدم العنف‏.‏
وبعد ان نالت الهند استقلالها‏,‏ كان نبله يدفعه الي الدفاع عن حقوق المنبوذين‏.‏ وصام من أجلهم حتي قيل إن دمه قد بدأ يتحلل‏,‏ واستمر حتي حصل لهم علي في عضوية البرلمان‏.‏
وفي غير المجال السياسي‏,‏ نري اناسا تدفعهم محبة الفضيلة والبر والإعداد لمصيرهم الابدي‏.‏ وهذا الدفاع يجعلهم يعيشون في حياة نقية طاهرة‏.‏ مثال ذلك يوسف الصديق الذي رفض الخطيئة حينما عرضت عليه‏,‏ واحتمل ان يسجن من اجل تقواه‏.‏
 هناك دافع آخر يدفع طلاب العالم إلي السهر والتعب‏,‏ لكي يصلوا إلي النجاح وإلي التفوق‏.‏ وهكذا كان الأوائل في النتائج الذين يرهقون انفسهم في استذكار دروسهم‏,‏ وبدافع النجاح والتفوق جاهد ايضا العلماء والمخترعون حتي يقدموا للعالم ثمر علمهم وذكائهم‏.‏
 وهناك دوافع اخري كثيرة تدفع الأبرار مثل الامانة‏,‏ وعفة اليد‏,‏ وهذا وغيره هو ما يجب ان نعمله للنشء من أطفالنا سواء في بيوتهم او مدارسهم او من قادة المجتمع‏,‏ حتي ينشأوا علي العمل النبيل في حياتهم‏.‏
علي أن هناك اشخاصا ليسوا من اصحاب المبادئ او القيم الروحية تقودهم في حياتهم دوافع اخري ليست صالحة‏,‏ بل قد تكون منحرفة او سيئة‏.‏

ومن الدوافع السيئة الانقياد وراء اللذة‏,‏ سواء كانت لذة للجسد‏,‏ أو للنفس‏,‏ أو للفكر أو لسائر الحواس‏,‏ وسنحاول أن نستعرض هذه الأنواع‏.‏

 فمن لذة الجسد‏:‏ لذة الأكل والشرب واهميتها الكبري عند الناس‏,‏ واندفاع البعض اليها الي درجة إصابتهم ببعض الامراض‏,‏ يضاف الي هذه اللذة اندفاع البعض الي شرب الخمر والمسكرات‏,‏ وما يجده البعض من لذة في التدخين‏,‏ او وسائل الادمان المتعددة‏,‏ وكلها تهلكهم ويدفعون مالاكثمن في إهلاك نفوسهم‏.‏
 يضاف الي ملاذ الجسد الخاطئة‏,‏ مايتعلق بالحواس كالنظر‏,‏ والسمع واللمس‏.‏ ومايقع فيه بعض الشباب من الشهوات الدنسة نتيجة متابعة النظر في بعض الأفلام الخاطئة أو ما يرونه في بعض المجلات من صور معثرة‏.‏ كذلك مايسمعونه من قصص او فكاهات بذيئة‏,‏ او لذة الاستماع الي اسرار الناس وفضائحهم‏.‏
 هناك اخطاء ايضا من جهة ملاذ النفس‏.‏ كمن تدفعه لذة التشفي والانتقام‏,‏ فيفرح الواحد من امثال هؤلاء بما يصيب عدوه او منافسه من ضرر متشفيا فيه او شامتا‏,‏ تدفعه الي ذلك مشاعر من د والكراهية في قلبه‏.‏ وهذا د قد يدفعه ايضا الي التحدث عن منافسيه واعدائه بما يسيء الي سمعتهم‏.‏ ويجد في ذلك متعة‏!‏
ومن ملاذ النفس ايضا شهوة الغني ولذة الجمع والتكويم‏,‏ والفرح بازدياد الرصيد ايا كان مصدره‏.‏
‏ ننتقل بعد هذا الي ملاذ الفكر ونقصد إشباع الفكر بما يضره‏,‏ تدفعه احيانا رغبات الجسد التي لم تتحقق عمليا فتسعي الي إشباعها فكريا بلون من السرحان‏.‏ والفكر يشبع ذاته بأحلام اليقظة والخيال‏,‏ وبتأليف قصص عن نفسه ترضيه‏,‏ يصور فيها ذاته حسبما يشاء ويهوي‏.‏
يدفعه الي كل ذلك فشله في النجاح العلمي وفي الوصول الي أغراضه بطرق سليمة‏.‏
لأجل هذا كله يجب أن نرتفع فوق مبدأ اللذة‏.‏ ونجعل الدافع لنا هو النفع الروحي
 ومن الدوافع الخاطئة‏:‏ الانقياد وراء مبدأ المنفعة الشخصية مهما كان في ذلك ضرر بالآخرين‏,‏ او حتي اذا كانت هذه المنفعة الشخصية تضر بالنفع العام‏.‏ وتصبح لونا من الأنانية البشعة‏,‏ مثال ذلك جشع التجار ورفعهم للاسعار‏,‏ ويكون من ضحاياهم المشتري المسكين‏,‏ وفي ذلك يخلطون المنفعة الخاصة بالطمع‏,‏ وبعدم الرحمة بالآخرين‏,‏ وربما في هذه المنفعة الخاصة يلجأون الي وسائل لايرضاها الضمير مثل الغش‏,‏ والتزوير‏,‏ والرشوة‏...‏ كمن يصعد الي فوق علي جماجم الآخرين‏.‏
وللأسف كثير من الدول الكبيرة تدفعها المنفعة الي الإضرار بالدول الأصغر منها غير مبالية بذلك‏.‏
 ومن الدوافع الاساسية الخاطئة في حياة الغالبية التمركز حول الذات‏.‏ وحب الذات محبة خاطئة يدفع أحيانا الي حب العظمة والكرامة والخيلاء‏,‏ وأن يفضل الإنسان ذاته عن الكل‏.‏ او ان يفعل الخير‏,‏ لاحبا في الخير‏,‏ وإنما لكي ترتفع ذاته في نظر الآخرين‏.‏ أو قد يدفعه إعجابه بذاته‏,‏ ان يمدح ذاته ان لم يجد من يمدحه‏.‏
 هناك دافع آخر قد يدفع الكثيرين في الطريق‏,‏ هو مسايرة التيار العام‏.‏ إذ لاتكون للشخص مبادئ ثابتة يسير عليها‏,‏ إنما يتبع مايراه في البيئة‏.‏ او من يتشبع بشعارات سمعها من غيره‏.‏ وهناك من تدفعهم في حياتهم عاداتهم لسيطرتها عليهم مهما كانت خاطئة‏.‏
 

التسميات: